1ºقبل ساعات فقط، كان برج السلام قائماً، يضم بين جدرانه عائلات تبحث عن أمان مفقود. لكن بعد القــــصف العنيف، صار البرج ركاماً، ومعه راحت عشرات الخيام الصغيرة التي كان النازحون احتموا بها بجواره.
شاب نازح تواصل معي وهو يرتجف من وقع الصدمة، صوته مخنوق بمرارة الخسارة، قال:
"خيمتي راحت، كانت جنب البرج.. أنا الآن في الشارع أنا ومرتي وصغاري، وين نروح؟"
كلماته كانت أبسط من أن تُحمل على البلاغة، لكنها أوجع من أي وصف. خيمة من نايلون مهترئ كانت كل ما يملك، صارت ذكرى تحت الركام، ومعها ضاع ستر الليل.
الأسرة الآن على الإسفلت، بلا سقف، بلا جدران، وبلا وجهة. أطفال ينامون على حجارة باردة، وزوجة تحاول أن تضمهم إلى صدرها لتخفي عنهم الخوف والجوع، بينما الأب واقف حائر، عاجز، لا يدري كيف يحميهم من ليل قاسٍ بلا مأوى.
وهذه ليست حالة فردية، بل حال عشرات العائلات التي وجدت نفسها في لحظة واحدة بلا مأوى ولا غطاء ولا مكان تقصده.
ما أصعب أن يُسلب منك حتى خيط الأمان الأخير.. ولسا فينا نفس نكتب.
#ابو_هاشم
.
2ºهناك أشخاص لم يكونوا ضد المقاومة بمعنى لن تجد لهم طوال السنتين الماضيتين أي نقد صريح للمقاومة، لكنهم ملوا، ملوا وهم ينتظرون النصر تحت التكييف وهم يحتسون قهوتهم، هؤلاء غلبتهم الهزيمة النفسية.
فبدأوا يتكلموا دلوقتي فقط ضد المقاومة وكلامهم يبان مُنسق وعاقل وواقعي وركزوا على "واقعي"، لكنه في الحقيقة كلام نابع من هزيمة نفسية ساحقة. ستجدونهم بدأوا ينتقدوا المقاومة بنفس الخطاب القريب لقلب نتنياهو وهو ان المقاومة السبب "لم تكن تعرف نتيجة الطوفان .. ما حسبتهاش صح".
في نفس الوقت سيحاولون تحييد أي اتهام لهم بالانهزامية أو الخيانة بإدعاء الواقعية ويريدون منكم يا من تؤيدون المقاومة ان تشعروا بالذنب لدعمكم غير المشروط للمقاومة وسيلعبون على عواطفكم ويستعرضون قوة العدو ودمار غزة وعدد الشهداء.
هم كانوا يريدون حرب "نظيفة" بلا خسائر، وبلا أثمان، وبنتيجة ساحقة وفورية، وعندما لا يتحقق هذا السيناريو في عقولهم، يسقطون في التبرير النفسي: بدل ما يعترفوا أنهم لا يحتملون صعوبة المرحلة، يرمون التهمة على المقاومة.
النقد الذي ينبع من الهزيمة النفسية أخطر من من اي نقد أخر، لأنه يتزين بلباس "المنطق" و"الواقعية" لكنه في الحقيقة يزرع روح الهزيمة داخل من يقرأه ويقتنع به.
ستسقط فلسطين فقط عندما يُصدق الفلسطينيين والمسلمين حقًا انه لا جدوى من أي مقاومة "مسلحة" .. وأي خطاب يؤدي هذا الغرض هو خطاب صهيوني.
.